الجمعة، 30 مارس 2012

حديث اشباح

أنت تهوى الاشباح حقا

إذن أنت شجاع

تحب عالم الاشباح؟

لا تخشى صوت النباح

لا تهدأ منذ الصباح

و تطرب لسماع الصياح

تلك شجاعة الذئاب

الشجاعة فى الدنيا نوعان

شجاعة البطل و شجاعة الباطل

شجاعة الباطل مثل الاسد فى الغاب

أما البطل فمن يواجه و لا يهاب


عندما قتلتنى بالأمس

لم تخف من شبحى الهائل الكثيف

هيكل عظمى مخيف...

عينان بارزتان وأسنان تضحك

شكله يجعل أسنانك تصطك


هل أنت سعيد الآن؟

و أنت تعيش فى خوف مزمن

تلهو مع الاشباح ليل صباح

تريد أن تقتص من صانع الجراح


لا تزال تحتفظ بأدوات القتل

الرصاصة و السكين ذى النصل

لماذا ؟ هل يموت الشبح مرتين

سوف ترانى فى كل موقف شجن

أنظر و أقول: هذا انتقام الزمن

و ما فعلته يداك ظلما

فالظلم يبقى دينا و ديان


ترانى عينا ترقب الأحزان

ترانى صوتا قاسيا بلا حنان

ترانى أركض نحو الأمان

تركت الزخرف و زينة الحياة

و هل تتزين الاشباح فى الهواء؟

و هل تتحدث بغير الآه؟

ينسكب الدمع و تهمس الشفاه


شبحى يطاردك فى كل مكان

فى جدك و هزلك و فى المنام

أينما كنت و فى أى مقام

بيننا قارات وساعات و أيام

يطاردك شبحى دوما فقد علمته

القسوة...و غدر الاحباب

و الصمت الاخرس الجبان..

قد يكون الصمت اسوأ من السباب

تبدو النظرة شعلة من العذاب


لا تغتر بالطاعة...

وراءها ذكرى و شكوى للسماء

و لا تطمئن للهدوء

فقبل العواصف تسكت الكائنات

لا تصدق البسمة

البسمة الصفراء مثل الخماسين

بلا خير يعم و تغشى العيون


آثرت البقاء كى أشهد الانتقام

ليس بيدى ...لكنها الأقدار

قد سرنا فى الدرب كما كان الأمر

نعلم أن أخره هو الخسر

نعيش المآسى لعلك تتذكر

يقل الضوء مع عمق الطريق

يوشك زيت المصباح أن يراق

و لا عودة حتى لا يقال

أنه أخطأ و أصابه الإخفاق

المهم أن ينفذ المرسوم

يضحى بالكل حتى ينتصر الكلام

و الأنف العالية تطاول الغمام

يموت الكل و تنجو أفكارك العظام

الأربعاء، 14 مارس 2012

الحائل

كنت أقرأ...

حتى حيل بينى و بين صفحات الكتاب

كنت أعمل...

حتى حيل بينى و بين الوصول للمكان

كنت أدرس...

حتى حيل بينى و بين الامتحان

كنت أرسم...

حتى حيل بينى و بين الألوان

كنت أعيش...

حتى قتلوا الحلم و الأمان

كنت أمضى...

إلى حيث يذكرنى الزمان


النفس كيف تسعد

و قد ذهب البهاء؟

و اليد لن ترسم

مادام الفكر هان


كانت الأمور يسيرة

ثم تعقدت لآمالى الأسباب

كانت لى كينونة

و رأى و فكر يسر الألباب

و فى الدنيا لى مكانة

أصبحت بلا عنوان


كنت أزهو بما زرعت

حتى صار منبع الاحزان

و ما كنت أعده لزمنى

رأوه دليل العجز و الخذلان


كنت أمشى فى طريقى

حتى زرعوا الأشواك

و فى كل طريق حولى

وضعوا الألغام و الشراك

كيف لى أن أنجو؟

أصبحت بلا حراك...


قال لى كفاكِ غرورا

و تخلصى من حب النفس و الأوهام

ما أنت إلا شيء!

مثل باقى الأشياء و الهوام


الطيور التى كانت تغرد

فزعت من هجوم الغربان

و الحيتان فى البحر نادت

سنطلب لغيرك الغفران

مزقت ما عندى من ورق

فسعدت بطعمه الجرذان


وضعونى فى قصر عال

بعيدا عن العمران

فكنت وحيدة بين طلل وشجر

عشقت الصمت و النظر

من وراء الجدران

اسمه قصر...

لكنه سجن و سجان


و توالت علىَ الأيام وحدى

السكون أصبح زادى

و نسيت لغة الإنسان

الهمس أعلى صوت عندى

و إن تحرك بالكلام اللسان


الحوائط يعلوها زجاج مكسور

فليس هناك من فرار

و إن تعلمت تسلق الجبال

تعالت أكثر و تشققت الحبال

وجدت حولى ألف حائل

لا يقهرها الفرسان البواسل

من تخطاها عاش بالجروح

و إن تعافى قلبه و الروح


الاثنين، 12 مارس 2012

عاطفة الأمومة صعودا و هبوطا

عاطفة الأم مثل أى عاطفة ؛ صامدة بالتأكيد لا تموت لكنها تتغير

اكتشفت هذا بالصدفة و لم أكن أتوقع ذلك؛ فدائما ما يتغنى الجميع بقلب الأم و تضحيات الأم و صبر الأم..

و لذلك نرى في الحديث النهى عن الدعاء على الأولاد، و معنى هذا أن عاطفة الأم قد تتراجع و تتدهور لحد تمنى العقاب و أن تعلم الدنيا ابنها إذ أنها فشلت فى تربيته فجاء عاقا بذيئا..

أيها الآباء العظام... لا تغتروا بعاطفة الأمومة عند زوجاتكم، ففي لحظة يمكنكم أن تدفنوا تلك العاطفة بكرهكم الذي تورثونه أبنائكم لأمهاتهم..

"و إن تعاسرتم فسترضع له أخرى" أي أن القرآن يقر أن الأم قد تترك الرضاعة بالرغم من حاجتها هي شخصيا لتلك العملية البيولوجية، و عاطفتها الشديدة تجاه وليدها الصغير الضعيف؛ لكن عند حدوث التعاسر و المشاكل قد يهتز كل شيء و تنصرف إلى ما هو أكبر...

قلت لمن كان ينصحني متعجبا و مشفقا و متهما لي بالفشل في تربيتها، و استعمال القسوة التي دفعتها لمعاملتي بشكل سيئ , قلت له أنت لم تجرب هذا الموقف:

عندما يقف أمامك ابنك – الذي طوله يساوى طولك أو يزيد - متحديا لك لا تهتز له شعرة، بينما يزحف الشيب إلى رأسك و يزحف الشباب إلى رأسه ، تنظر إليه غاضبا و ينظر إليك متحديا، القوى ليست متكافئة فلو دفع بك لانطرحت أرضا و تكسرت عظامك أما هو فعظامه قوية و أعصابه متمالكة.

قال لي من أثق به و برؤيته المتزنة للأمور أنه يجب على ألا أندفع و أن أعطى ابنتي الجاحدة المزيد من عطفي و حناني و أن أتعامل معها برقة و حب،

و كل هذا يعنى أنه تخيل أنى اختص بعض الناس بالمودة و الحنان و أحرم آخرين حسب أهوائي و مصالحي، حتى هو قد ظن كما ظن الآخرون الذين لا يتصورون أن تقوم فتاة بسب أمها بكل جرأة ووقاحة و تحث أختها الأصغر منها على أن تتمرد عليها و تقنعها أن أمها مجنونة..كلمة مجنونة كم هي قاسية !

في لحظة سوداء تسلبها عقلها و أمومتها و تبخسها حقها الذي كفله الله لها، فما أصعب تلك اللحظة

هل تتخيل هذا من ولدك وليدك بالأمس الذي حملته و ضممته إلى صدرك برفق و احتواء و حب؟

لعلكم تسألون عن قلب الأم وقتها؟ و أجيبكم قلبها مغلق ، تركته بلا زاد فمات ، صدئت أبوابه فانغلق على لا شيء، أشعله الغضب و لم يطفئه طلب العفو فاحترق...هذا هو قلب الأم تجاه الجحود و القسوة و الإهانة.

فهل يحمل للابن دعاء مخلصا؟ هل يفكر فيه كما يفكر الآباء لأبنائهم؟ لا لأن النفس تميل للهروب من الذكرى السيئة و الجرح النافذ، فالأم تحاول أن تنسى أن هذا الشخص هو الابن الذي أنجبته و تعبت فيه، تعتبر من أنجبته ذهب مع الريح، و هذا هو شخص مفروض عليها خدمته و التعامل معه منزليا إلى حين...

فلو تذكرت أن هذا هو من قدمت له كأم كل شيء؛ ثم هو الآن الوحيد في الدنيا الذي يهينها و يسبها فسوف تصاب بالجنون حقا!

حكمة:

هناك خياران.. أن تنسى الأم ما قدمته للابنة العاقة شاملا آلام الحمل و عذاب الولادة و معاناة السنة الأولى في حياة الطفل، و قلق السنين و تضحيات النفس؛ فتنجو من الدهشة و التساؤل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.. هل هذه حقا هي الطفلة التي أنجبتها و أطعمتها حتى صارت كما هي الآن: طويلة اللسان عالية الصوت جاحدة الفضل ؟!!، الخيار الثاني أن تتذكر الأم كل هذا فتموت حزنا و كمدا و تفقد الثقة في المروءة و البر و الإحسان فى هذه الحياة.. و هل الحياة سوى سلسلة من الحسرات و الأحزان ؟