عاطفة الأم مثل أى عاطفة ؛ صامدة بالتأكيد لا تموت لكنها تتغير
اكتشفت هذا بالصدفة و لم أكن أتوقع ذلك؛ فدائما ما يتغنى الجميع بقلب الأم و تضحيات الأم و صبر الأم..
و لذلك نرى في الحديث النهى عن الدعاء على الأولاد، و معنى هذا أن عاطفة الأم قد تتراجع و تتدهور لحد تمنى العقاب و أن تعلم الدنيا ابنها إذ أنها فشلت فى تربيته فجاء عاقا بذيئا..
أيها الآباء العظام... لا تغتروا بعاطفة الأمومة عند زوجاتكم، ففي لحظة يمكنكم أن تدفنوا تلك العاطفة بكرهكم الذي تورثونه أبنائكم لأمهاتهم..
"و إن تعاسرتم فسترضع له أخرى" أي أن القرآن يقر أن الأم قد تترك الرضاعة بالرغم من حاجتها هي شخصيا لتلك العملية البيولوجية، و عاطفتها الشديدة تجاه وليدها الصغير الضعيف؛ لكن عند حدوث التعاسر و المشاكل قد يهتز كل شيء و تنصرف إلى ما هو أكبر...
قلت لمن كان ينصحني متعجبا و مشفقا و متهما لي بالفشل في تربيتها، و استعمال القسوة التي دفعتها لمعاملتي بشكل سيئ , قلت له أنت لم تجرب هذا الموقف:
عندما يقف أمامك ابنك – الذي طوله يساوى طولك أو يزيد - متحديا لك لا تهتز له شعرة، بينما يزحف الشيب إلى رأسك و يزحف الشباب إلى رأسه ، تنظر إليه غاضبا و ينظر إليك متحديا، القوى ليست متكافئة فلو دفع بك لانطرحت أرضا و تكسرت عظامك أما هو فعظامه قوية و أعصابه متمالكة.
قال لي من أثق به و برؤيته المتزنة للأمور أنه يجب على ألا أندفع و أن أعطى ابنتي الجاحدة المزيد من عطفي و حناني و أن أتعامل معها برقة و حب،
و كل هذا يعنى أنه تخيل أنى اختص بعض الناس بالمودة و الحنان و أحرم آخرين حسب أهوائي و مصالحي، حتى هو قد ظن كما ظن الآخرون الذين لا يتصورون أن تقوم فتاة بسب أمها بكل جرأة ووقاحة و تحث أختها الأصغر منها على أن تتمرد عليها و تقنعها أن أمها مجنونة..كلمة مجنونة كم هي قاسية !
في لحظة سوداء تسلبها عقلها و أمومتها و تبخسها حقها الذي كفله الله لها، فما أصعب تلك اللحظة
هل تتخيل هذا من ولدك وليدك بالأمس الذي حملته و ضممته إلى صدرك برفق و احتواء و حب؟
لعلكم تسألون عن قلب الأم وقتها؟ و أجيبكم قلبها مغلق ، تركته بلا زاد فمات ، صدئت أبوابه فانغلق على لا شيء، أشعله الغضب و لم يطفئه طلب العفو فاحترق...هذا هو قلب الأم تجاه الجحود و القسوة و الإهانة.
فهل يحمل للابن دعاء مخلصا؟ هل يفكر فيه كما يفكر الآباء لأبنائهم؟ لا لأن النفس تميل للهروب من الذكرى السيئة و الجرح النافذ، فالأم تحاول أن تنسى أن هذا الشخص هو الابن الذي أنجبته و تعبت فيه، تعتبر من أنجبته ذهب مع الريح، و هذا هو شخص مفروض عليها خدمته و التعامل معه منزليا إلى حين...
فلو تذكرت أن هذا هو من قدمت له كأم كل شيء؛ ثم هو الآن الوحيد في الدنيا الذي يهينها و يسبها فسوف تصاب بالجنون حقا!
حكمة:
هناك خياران.. أن تنسى الأم ما قدمته للابنة العاقة شاملا آلام الحمل و عذاب الولادة و معاناة السنة الأولى في حياة الطفل، و قلق السنين و تضحيات النفس؛ فتنجو من الدهشة و التساؤل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.. هل هذه حقا هي الطفلة التي أنجبتها و أطعمتها حتى صارت كما هي الآن: طويلة اللسان عالية الصوت جاحدة الفضل ؟!!، الخيار الثاني أن تتذكر الأم كل هذا فتموت حزنا و كمدا و تفقد الثقة في المروءة و البر و الإحسان فى هذه الحياة.. و هل الحياة سوى سلسلة من الحسرات و الأحزان ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق